للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن سماتهم أنهم إذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه، واللغو فارغ الحديث الذي لا طائل تحته، ولا حاصل وراءه، وهو الهذيان الذي يقتل الوقت دون أن يضيف إلى القلب والعقل زادًا جديدًا، ولا معرفة مفيدة، وهو البذيء من القول الذي يفسد الحس واللسان، سواء وجه إلى مخاطب، أم حكي عن غائب.

فالقلوب المؤمنة لا تلغو ذلك اللغو، ولا تستمع إلى ذلك الهذر، ولا تعنى بهذا البذاء، فهي مشغولة بتكاليف الإيمان، مرتفعة بأشواقه، متطهرة بنوره.

ينزهون أنفسهم عن اللغو، ويصونونها عن الخوض فيه: {وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ (٥٥)} [القصص: ٥٥].

فأما جزاء الرحمن، تلك الخلاصة الصافية للبشرية، الذين هم لب العالم وصفوة بني آدم، أولو العقول الرزينة، والآراء الكاملة، والأخلاق العالية.

فما جزاء أولئك على صفاتهم وأخلاقهم وأعمالهم؟.

أولئك الكرام يُستقبلون في الجنة بالتحية والسلام، جزاء ما صبروا على تلك الصفات والسمات: {أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَامًا (٧٥) خَالِدِينَ فِيهَا حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا (٧٦)} [الفرقان: ٧٥، ٧٦].

فلهم تحية وسلام من ربهم، ومن ملائكته الكرام، ومن بعضهم لبعض، وهم سالمون من جميع المكروهات والمنغصات.

أولئك الكرام لهم عقبى الدار، جنات عدن يقيمون فيها إقامة دائمة، ولا يبغون عنها حولاً، لأنهم لا يرون فوقها غاية، لما اشتملت عليه من النعيم الذي لا يزول، وليس فوقه نعيم.

ومن تمام نعيمهم وسرورهم وقرة أعينهم، أنهم يدخلون الجنة، ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم.

والملائكة يسلمون عليهم، ويهنئونهم بالسلامة، وكرامة الله لهم، ويقولون لهم صبركم هو الذي أوصلكم إلى هذه المنازل العالية، والجنان الغالية والنعيم

<<  <  ج: ص:  >  >>