للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأبدي.

فيا سعادة هؤلاء: {أُولَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ (٢٢) جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ (٢٣) سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ (٢٤)} [الرعد: ٢٢ - ٢٤].

فحقيق بكل عبد نصح نفسه، وكان لها عنده قيمة، أن يجاهدها لعلها تأخذ من أوصاف أولي الألباب بنصيب، لعلها تحظى بهذه الدار، التي هي منية النفوس، وسرور الأرواح، الجامعة لجميع اللذات والأفراح.

ألا ما أعظم منة الله على عباده .. حيث بين لهم أوصاف من يحب .. ونعت لهم أوصافهم، ووصف هيئاتهم، وبين لهم همهم .. وأوضح أجورهم .. وكشف عن منازلهم في الجنة .. ليشتاقوا إلى الاتصاف بأوصافهم .. ويبذلوا جهدهم في الاقتداء بهم .. ويسألوا ربهم أن يهديهم كما هداهم .. ويتولاهم كما تولاهم.

فلله ما أعلى هذه الصفات، وما أرفع هذه الهمم، وما أزكى تلك النفوس، وما أطهر تلك القلوب.

ولله ما أصفى هؤلاء الأخيار الأبرار، وما أتقى هؤلاء السادة الأئمة.

ولله در هذه الأنفس ما أعزها، وهذه الأخلاق ما أحسنها، وهذه الهمم ما أرفعها.

ولله فضل الله عليهم ونعمته التي جللتهم، ورحمته التي وسعتهم، ولطفه الذي أوصلهم إلى هذه المنازل العالية: {فَبَشِّرْ عِبَادِ (١٧) الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ (١٨)} [الزمر: ١٧، ١٨].

وما قيمة البشرية كلها لولا القلة المؤمنة التي تدعو الله، وتتضرع إليه، وتوقره وتحبه، وتعبده وتطيعه؟.

وما هذه الأرض الواسعة التي تضم البشر جميعًا؟.

إن هي إلا ذرة صغيرة في فضاء الكون الهائل، والبشرية كلها إن هي إلا نوع واحد من أنواع الأحياء الكثيرة على وجه هذه الأرض، والأمة واحدة من أمم

<<  <  ج: ص:  >  >>