للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذه الأرض، والجيل الواحد من أمة إن هو إلا صفحة من كتاب ضخم، لا يعلم عدد صفحاته إلا الله العليم الخبير.

وما قيمة الإنسان بلا إيمان؟.

إنه لقي ضائع لا يعبأ الله به، لو وضع نوعه كله في الميزان، ما رجحت به كفة الميزان: {قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا (٧٧)} [الفرقان: ٧٧].

والفقراء هم السابقون إلى الرسل والرسالات، وإلى الإيمان والاستسلام، الذين لا يصدهم عن الهدى كبرياء فارغة، ولا خوف على مصلحة، أو وضع اجتماعي، أو مكانة أو رياسة، ومن ثم فهم الملبون السابقون.

ومن بيوت الفقراء نبت العلماء والفقهاء، والحكماء والقادة، وهم الصف الأول في إجابة الرسل والإيمان بهم: {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ (٨)} [الحشر: ٨].

فأما الملأ الكبراء، فتقعد بهم كبرياؤهم، وتقعد بهم مصالحهم القائمة على الأوضاع المزيفة، والقائمة على احتقار من دونهم، ومن ثم يأنفون أن يسويهم التوحيد الخالص بعامة الناس، حيث تسقط القيم الزائفة كلها، وترتفع قيمة واحدة، قيمة الإيمان والعمل الصالح.

ترفع قومًا .. وتضع آخرين .. تعز قومًا .. وتذل آخرين.

وهذا ما يصد كثيرًا من الكبراء عن الإيمان كما قال الكفار لنوح - صلى الله عليه وسلم -: {قَالُوا أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ (١١١) قَالَ وَمَا عِلْمِي بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (١١٢) إِنْ حِسَابُهُمْ إِلَّا عَلَى رَبِّي لَوْ تَشْعُرُونَ (١١٣) وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الْمُؤْمِنِينَ (١١٤) إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ (١١٥)} [الشعراء: ١١١ - ١١٥].

وقالوا لصالح - صلى الله عليه وسلم -: {وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ وَمَا نَرَى لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كَاذِبِينَ (٢٧)} [هود: ٢٧].

فما أجهل هؤلاء بربهم .. وما أضلهم عن معرفة سنة الله في خلقه.

<<  <  ج: ص:  >  >>