لذلك كان المؤمن متحركًا في الحياة .. والكافر متحركًا في الحياة.
فلا بدَّ من منهج يسير عليه البشر، ولا بدَّ أن يكون المنهج موحدًا، حتى لا يقع التصادم بين البشر، ويهلك الناس بعضهم بعضاً.
فأنزل الله الدين الكامل ينظم الحياة فقبله المؤمن، ورده الكافر.
فالمؤمن يتحرك في حياته وفقًا لمنهج الله المرسوم، فيسعد في الدنيا والآخرة بامتثال أوامر الله سبحانه، في علاقته مع ربه، وفي علاقته مع غيره من المخلوقات: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (٣٠)} [فصلت: ٣٠].
وأما الكافر فيتحرك في الحياة وفق هواه وشهواته، لا يعرف حلالاً ولا حرامًا، ولا طيبًا ولا خبيثًا، يأخذ ما شاء، ويتمتع بما شاء ويفعل ما شاء، ولا تحكم حركته حدود ولا قيود: {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (٥٠)} [القصص: ٥٠].
وقد خلق الله السموات والأرض، والشمس والقمر، والجبال والبحار، والنبات والحيوان، ثم خلق آدم آخر المخلوقات.
فلما أعد الله السكن وهيأه سبحانه، خلق من يسكنه.
وكأن هذا الكون شجرة، والإنسان ثمرة لهذه الشجرة.
ثم إن الإنسان في هذه الحياة انخدع بهذه المخلوقات لحاجته إليها، فاشتغل بها وغفل عن الله الذي خلقها، ففسدت أحوال الإنسانية واضطربت أحوالها، فأرسل الله الرسل، وأنزل الكتب، لهداية الناس ونجاتهم، وسعادتهم في الدنيا والآخرة.
وجهد الإنسان في هذه الحياة لا يخلو من شيئين:
أحدهما: جهد على الأموال والأشياء والشهوات، وهذا الجهد له أثره على القلب، يولد فيه الحرص والطمع، والجشع والحسد، والظلم والكذب،