ويجعل صاحبه لا يحب الله ولا رسوله ولا المؤمنين، ولا يرغب في الطاعات، ولا يحجز نفسه عن المحرمات.
وكلما كثرت الأموال والأشياء عنده زاد حبه لها، وتعلق قلبه بها، وزاد جهده وشقاؤه، ثم يزداد كبره وإعراضه عن الدين، حتى يكمل عذابه وشقاؤه بعد الموت في النار.
فما أخسر هؤلاء الناس، وإن نالوا شيئًا من النعيم الزائل في صورة عذاب: {فَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ (٥٥)} [التوبة: ٥٥].
الثاني: جهد على الإيمان والأعمال الصالحة، وهو جهد الأنبياء والصالحين، وهو جهد الدين.
وأثره على القلب أنه يولّد فيه محبة الله ورسوله والمؤمنين، وأعمال الدين، فيسعد القلب ويطمئن، ويزداد فرحه وسروره بربه.
وكلما اجتهد المسلم للدين أكثر زاد إيمانه، وارتفعت درجاته، وزادت سعادته في الدنيا ثم في القبر ثم في الحشر ثم تبلغ كمالها في الجنة دار النعيم والخلود.
وهذا الإنسان المؤمن يرجح بالسموات والأرض، لأنه حقق مراد الله عزَّ وجلَّ، وقدمه على شهواته ومحبوباته، والله سبحانه يكمل له شهواته ومحبوباته في الجنة كما أكمل محبوبات الله في الدنيا: {فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (١٧)} [السجدة: ١٧].
فعلى المسلم أن يأخذ من الدنيا فقط بقدر الضرورة، ويتفرغ لما خلق له من عبادة ربه، والدعوة إليه، والعمل بشرعه، والمسارعة إلى الخيرات.
اللهم لا تجعل الدنيا أكبر همنا، ولا مبلغ علمنا، ولا إلى النار مصيرنا، واجعل الجنة هي دارنا وقرارنا برحمتك يا أرحم الراحمين.