للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذي وهبه للإنسان يكفيه في بلوغ الهدى لنفسه، والمصلحة لحياته، في دنياه وآخرته، لوكله إلى هذا العقل وحده، يبحث به عن دلائل الهدى، وموجبات الإيمان في الأنفس والآفاق، ويرسم لنفسه كذلك المنهج الذي تقوم عليه حياته، فتستقيم على الحق والصواب.

ولما أرسل إليه الرسل، ولما جعل حجته على عباده هي إرسال الرسل إليهم، ولما جعل حجة الناس على ربهم هي عدم مجيء الرسل إليهم.

ولكن لما علم الله سبحانه أن العقل الذي آتاه الله للإنسان أداة قاصرة بذاتها عن الوصول إلى الهدى بغير توجيه من الرسالة .. وقاصرة كذلك عن رسم منهج للحياة الإنسانية يحقق المصلحة للإنسان في الدنيا والآخرة، وينجي صاحبه من سوء المآل في الدنيا والآخرة .. لما علم الله هذا شاء بحكمته ورحمته أن يبعث الرسل إلى الناس .. وأن لا يؤاخذ الناس إلا بعد الرسالة والتبليغ كما قال سبحانه: {مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا (١٥)} [الإسراء: ١٥].

وإذا علمنا هذا فما وظيفة هذا العقل البشري؟.

وما هو دوره في مسألة الإيمان والهدى؟.

وما موقفه من منهج الحياة ونظامها؟.

وما وظيفة العقل البشري ودوره في أعظم وأكبر قضايا الإنسان؟.

وهي قضية الإيمان بالله التي تقوم عليها حياته في الأرض من جذورها، وبكل مقوماتها، كما يقوم عليها مآله في الآخرة، وهي أكبر وأبقى.

إن دور هذا العقل أن يتلقى الدين عن الرسول - صلى الله عليه وسلم -.

ووظيفته أن يفهم ما يتلقاه عن الرسول - صلى الله عليه وسلم -.

ومهمة الرسول أن يبلغ ويبين الدين، ويستنقذ الفطرة الإنسانية مما ران عليها من الشهوات والشبهات، وينبه العقل الإنساني إلى تدبر دلائل الهدى، وموجبات الإيمان في الأنفس والآفاق، وأن يرسم للعقل منهج التلقي الصحيح، ومنهج

<<  <  ج: ص:  >  >>