وأن يقيم له القاعدة التي ينهض عليها منهج الحياة العملية، المؤدي إلى خير الدنيا والآخرة.
وليس دور العقل البشري أن يكون حاكمًا على الدين، من حيث الصحة والبطلان، أو القبول أو الرفض، بعد أن يتأكد صحة ثبوته عن الله ورسوله، وبعد أن يفهم مقصوده.
ولو كان له أن يقبلها أو يرفضها، بعد إدراك مدلولها، ما استحق العقاب من الله على الكفر بعد البيان.
بل العقل ملزم بقبول أحكام الدين متى بلغت إليه عن طريق صحيح.
فالدين يخاطب العقل ويوقظه ويوجهه، ويقيم له منهج النظر الصحيح، لا بمعنى أنه هو الذي يحكم بالصحة أو البطلان، أو القبول أو الرفض على هواه.
بل متى ما ثبت النص الشرعي كان هو الحكم، وكان على العقل البشري أن يقبله، وأن يطيعه وينفذه، سواء كان مدلوله مألوفًا له، أو غريبًا عليه: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (٦٥)} [النساء: ٦٥].
إن دور العقل هو أن يفهم ما الذي يعنيه النص، وما المراد منه ليعمل به، وعند هذا الحد ينتهي دوره.
فالنص من عند الله، وما يحمله النص من حكم هو أمر الله، وهو الحق قطعأً.
والعقل ليس إلهًا يحكم بالصحة أو البطلان، أو القبول أو الرد، لما جاء من عند الله ورسوله.
إن الشريعة الإسلامية تخاطب العقل، ليدرك الأحكام، والآيات الشرعية والكونية، وترغبه في ذلك، وتجعل ذلك عبادة.
وتضع له المنهج الصحيح للنظر والاعتقاد والعمل في شئون الحياة.
فإذا أدرك وفهم ما يعني النص الشرعي، لم يعد أمامه إلا التصديق والطاعة،