للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وما قرره الله وحكم به وشرعه من العقيدة، أو منهج الحياة ونظامها، سواء في موقف العقل إزاءه.

متى صح النص، وكان قطعي الدلالة، ولم يوقّت بوقت، فليس للعقل أن يقول: آخذ في العقيدة والشعائر التعبدية، ولكني أرى أن الزمن قد تغير في منهج الحياة ونظامها، فيتبع غير شرع الله.

فلو شاء الله أن يوقت مفعول النصوص لوقته، فما دام النص مطلقًا، فإنه يستوي زمان نزوله وآخر الزمان، احترازًا من الجرأة على الله، ورمي علمه بالنقص، سبحانه وتعالى عما يقولون علوًا كبيرًا.

وإنما يكون جهد العقل في تطبيق النص على الحالة الحادثة لا في قبوله أو رده.

وليس في شيء من هذا انتقاص من قيمة العقل، ودوره في الحياة البشرية، بل هو كمال الأدب مع خالقه، وحسن استقبال أوامره. والمدى أمام العقل أوسع في التعرف على طبيعة هذا الكون وطاقاته .. وقواه ومدخراته .. وطبيعة الكائنات فيه والأحياء .. ومخلوقات الله في البر والبحر .. والسماء والأرض .. وتنمية الحياة .. والاستفادة من الكائنات في حدود منهج الله .. ومعرفة بارئه وفاطره وأسمائه وصفاته .. ومظاهر قوته ورحمته .. ومعرفة نعمه وآلائه: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (١٦٤)} [البقرة: ١٦٤].

وما أجهل أكثر الخلق بالله، إنهم يكفرون بالله، ويبارزونه بالمعاصي، وهو يعافيهم ويرزقهم.

إن بأس الله شديد، وقوته قاهرة، ولكنه رحيم ودود ينبه الغافلين السادرين، ويوقظ فهيم مشاعر الترقب أن يأتيهم بأس الله: {أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتًا وَهُمْ نَائِمُونَ (٩٧) أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>