يَلْعَبُونَ (٩٨)} [الأعراف: ٩٧، ٩٨].
إن بأس الله لأشد من أن يقف له البشر نائمين أم صاحين، جادين أم لاعبين، إنه العزيز الجبار الذي لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء، السموات والأرض وما فيهما بيده أصغر من الخردلة في يد الإنسان.
فأين العقول التي تدرك بأس الله في كل من طغى وكذب واستكبر؟.
إن سنة الله لا تتخلف، ومشيئته لا تتوقف، وما الذي يعجزه؟، وما الذي يمنعه؟.
وما الذي يؤمن المكذبين أن يأخذهم الله بذنوبهم كما أخذ من قبلهم؟، وأن يطبع على قلوبهم فلا يهتدون بعد ذلك؟.
وما يريد الله بهذا التحذير أن يعيش الناس فزعين قلقين، يرتجفون من الهلاك والدمار أن يأخذهم في لحظة من ليل أو نهار.
إنما يريد الله منهم اليقظة ومراقبة النفس، وإدامة الاتصال بالله.
والإنسان يدعي العلم، وهو لا يعلم نفسه، ولا ما يستقر فيها من مشاعر، ولا يدرك حقيقة نفسه، ولا حقيقة مشاعره.
فالعقل نفسه لا يعرف كيف يعمل؟.
لأنه لا يملك مراقبة نفسه في أثناء عمله، وحين يراقب نفسه يكف عن عمله الطبيعي، فلا يبقى هناك ما يراقبه.
وحين يعمل عمله الطبيعي لا يملك أن يشتغل في الوقت ذاته بالمراقبة.
ومن ثم فهو عاجز عن معرفة خاصة ذاته، وعن معرفة طريقة عمله، وهو الأداة التي يتطاول بها الإنسان: {قُلْ أَتُعَلِّمُونَ اللَّهَ بِدِينِكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (١٦)} [الحجرات: ١٦].
إن الإيمان بالله هو كبرى المنن التي ينعم الله بها على عبد من عباده في الأرض كما قال سبحانه: {يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (١٧)} [الحجرات: ١٧].
إن إيمان العبد بالله يعرّفه بحقيقة الوجود حوله، وحقيقة الدور المقسوم له،