للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والعقل ضد الجنون، فالمجنون لا تكليف عليه، لأنه فقد الآلة التي يستقبل بها الوحي، وينفذ الأمر، ويجتنب النهي، وهي العقل كما قال سبحانه: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (٤)} [الرعد: ٤].

ومن لا عقل له، لا قيد له، ولا إناء معه، ولا فائدة له.

والعقل البشري ثلاثة أنواع:

الأول: عقل غريزي، ينتفع به الإنسان في أمور معاشه.

الثاني: عقل إيماني، مستفاد من مشكاة النبوة، وبه يستقبل الوحي، وعليه مدار سعادته في الدنيا والآخرة.

الثالث: عقل نفاقي شيطاني، يظن أربابه أنهم على شيء، وهذا العقل هو حظ أكثر الناس، وهو عين الهلاك.

فإن أربابه يرون أن العقل إرضاء الناس جميعهم، واستجلاب مودتهم، وعدم مخالفتهم في أغراضهم، ولو كان في معصية الله، وإطلاق شهواتهم كالحمر والبهائم.

فسبحان من بيده الداء والدواء، والعافية والبلاء، والرخص والغلاء، والضلال والهدى.

وسبحان من خلق آدم، وخلق من أجله الأشياء، وبث من نسله الرجال والنساء، فمنهم العالم الذاكر، ومنهم الجاهل الغافل.

وسبحان من قسم الخلائق سعيدًا وشقيًا، وقسم الأرزاق بينهم فترى فقيرًا وغنيًا، وقسم العقول فترى منهم ذكيًا وغبيًا.

وأنت أيها الإنسان .. وأنت أيها العاقل .. وأنت أيها الراحل.

يا من سلعه كلها معيب، أمامك يوم عصيب، يا مريضًا ما يعرف أوجاعه وأسقامه، يا غافلاً عن ما يراد منه، وعن ما يراد به، وعن ما أعد له.

يا من لا يردعه ما يسمعه، ولا يقنعه ما يجمعه متى تصحو؟.

ما من وهى شبابه، وامتلأ بالزلل كتابه متى تفيق؟.

<<  <  ج: ص:  >  >>