للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالنبي - صلى الله عليه وسلم - كانت نيته هداية العالم، ودعوتهم إلى الله، ولكنه لم يخرج من الجزيرة العربية، ولكن الله كتب له أجر كل من دخل في الإسلام إلى يوم القيامة.

وفي العلم: ننوي طلب العلم إلى يوم القيامة، وننوي تعليم الأمة ما جاء عن الله ورسوله من السنن والأحكام والآداب ابتغاء وجه الله، والله يعطينا الأجر على قدر النية.

قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إِنَّ الله كَتَبَ الْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ ثُمَّ بَيَّنَ ذَلِكَ، فَمَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كَتَبَهَا الله لَهُ عِنْدَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً، فَإِنْ هُوَ هَمَّ بِهَا فَعَمِلَهَا كَتَبَهَا الله عزَّ وجلَّ عِنْدَهُ عَشْرَ حَسَنَاتٍ، إِلَى سَبْعِ مِائَةِ ضِعْفٍ، إِلَى أضْعَافٍ كَثِيرَةٍ، وَمَنْ هَمَّ بِسَيِّئَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كَتَبَهَا الله لَهُ عِنْدَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً، فَإِنْ هُوَ هَمَّ بِهَا فَعَمِلَهَا كَتَبَهَا الله لَهُ سَيِّئَةً وَاحِدَةً» متفق عليه (١).

وهكذا في باقي الأعمال، ننوي الاستعداد للقيام بأي عمل، فإذا قمنا به كان لنا الأجر بالعمل، والباقي بالنية.

فالنية أساس الأمر وعموده وأساسه، وأصله الذي يبنى عليه، فهي روح العمل وقائده وسائقه وحامله، والعمل تابع لها مبني عليها، يصح بصحتها ويفسد بفسادها.

وبحسب النية تتفاوت الدرجات في الدنيا والآخرة.

فكم بين مريد بالفتوى مثلاً وجه الله ورضاه، والقرب منه وما عنده من الثواب، ومريد بها وجه المخلوق ورجاء منفعته، وما يناله منه خوفًا أو طمعًا، أو يطلب بها الرئاسة والشهرة.

فيفتي الرجلان بالفتوى الواحدة، أو يصليان الصلاة الواحدة، أو يؤديان الزكاة الواحدة، أو يقدمان النصيحة الواحدة، وبينهما في الفضل والثواب أعظم مما


(١) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (٦٤٩١)، واللفظ له، ومسلم برقم (١٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>