للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بين المشرق والمغرب.

هذا نيته أن تكون كلمة الله هي العليا، ودينه هو الظاهر، ورسوله هو المطاع، راغبًا في ثواب ربه، طالبًا مرضاته.

وذلك نيته أن يكون قوله هو المسموع، وهو المشار إليه، وجاهه هو القائم، سواء وافق الكتاب والسنة أو خالفهما.

لكن من سنة الله سبحانه أن يلبس المخلص من المهابة والنور، والمحبة في قلوب الخلق، وإقبال قلوبهم إليه، ما هو بحسب إخلاص العبد ونيته ومعاملته لربه.

ويلبس المرائي اللابس ثوبي الزور، من المقت والمهانة والبغضاء ما هو اللائق به بحسب نيته.

والله عزَّ وجلَّ وضع الأقوال والأفعال بين عباده تعريفًا ودلالةً على ما في نفوسهم، فإذا أراد الإنسان من أخيه شيئًا عرف بمراده وما في نفسه بلفظه، ورتب سبحانه على تلك الإرادات والمقاصد أحكامها بواسطة الألفاظ.

ولم يرتب الأحكام على مجرد ما في النفوس من غير دلالة قول أو فعل، ولا على مجرد ألفاظ المتكلم بها لم يرد معانيها، ولم يحط بها علمًا.

بل تجاوز للأمة ما حدثت به أنفسها ما لم تتكلم به أو تعمل به.

وتجاوز لها عما تكلمت به أو عملته مخطئة أو ناسية أو مكرهة أو غير عالمة به، إذا لم تكن مريدة لمعنى ما تكلمت به أو قاصدة إليه.

قال الله تعالى: {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة: ٢٨٦].

ولما نزلت هذه الآية قال الله: «قَدْ فَعَلْتُ» أخرجه مسلم (١).

وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إِنَّ الله تَجَاوَزَ عَنْ أمَّتِي مَا حَدَّثَتْ بِهِ أنْفُسَهَا، مَا لَمْ تَعْمَلْ أوْ تَتَكَلَّمْ» متفق عليه (٢).


(١) أخرجه مسلم برقم (١٢٦).
(٢) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (٥٢٦٩) واللفظ له، ومسلم برقم (١٢٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>