وإخلاص العبادة له، فليهنأ بذلك من رزق ذلك: {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ (٥٨)} [يونس: ٥٨].
فيا منفقاً بضاعة العمر في مخالفة حبيبه، والبعد عنه.
أما لك في رضا الرحمن من نصيب؟ .. أما لك في الجنة من شوق؟.
ونور العلم لم يحجب عن القلوب لبخلٍ ومنعٍ من جهة المنعم سبحانه، ولكنه حُجب لخبث وكدورة وشغل من جهة القلوب.
فالقلوب كالأواني ما دامت ممتلئة بالماء لا يدخلها الهواء، فالقلوب المشغولة بغير الله لا تدخلها المعرفة بجلال الله، ولولا أن الشياطين يحومون على قلوب بني آدم لنظروا إلى ملكوت السماء.
وليس المقصود من العلم العمل فقط، بل المقصود الإيمان والعمل، ولو كان المقصود من العلم العمل فقط لكان المنافقون في الجنة، لكنهم في الدرك الأسفل من النار؛ لأنهم يعملون بلا إيمان.
وعلم الرب شيء، ومعرفة الرب شيء آخر، وطريق معرفة الرب هو الميدان، والله سبحانه علمنا كيف تعرف موسى على ربه في الميدان في الوادي المقدس طوى، عند الشجرة حين ناداه الله فعلمه التوحيد نظرياً بقوله: {إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي (١٤)} [طه: ١٤].
ثم أمره الله بعد ذلك أن يذهب إلى فرعون، فلما ذهب موسى إلى فرعون ما خاف منه؛ لأنه عرف أن ربه معه، وقبل ذلك كان موسى في قصر فرعون عنده علم الرب، ولما خرج إلى مدين جاء عنده معرفة الرب، معرفة الإيمان بالله الذي بيده كل شيء.