للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قبل ادعاء الإسلام، وقبل ادعاء الإيمان.

فهذا الدين منهج ميسر، وشريعة سمحة، وقضاء رحيم، إنه لا يكلف العباد فوق طاقتهم، ولا يكلفهم عنتاً يشق عليهم.

فالله الذي خلق الإنسان يعلم ضعف الإنسان، ويرحم هذا الضعف.

والله عزَّ وجلَّ عليم حكيم يعلم أنه لو كلفهم تكاليف شاقة ما أداها إلا قليل منهم.

والله الرحمن الرحيم لا يريد لهم العنت، ولا يريد لهم أن يقعوا في المعصية.

ولو أنهم استجابوا للتكاليف اليسيرة التي كتبها الله عليهم، واستمعوا للموعظة التي يعظهم الله بها، لنالوا خيراً عظيماً في الدنيا والآخرة.

ولأعانهم الله بالهدى كما يعين كل من يجاهد للهدى بالعزم والقصد والإرادة: {وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا (٦٦) وَإِذًا لَآتَيْنَاهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْرًا عَظِيمًا (٦٧) وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا (٦٨)} [النساء: ٦٦ - ٦٨].

إن هذا الدين ميسر يمكن أن ينهض به كل ذي فطرة سوية، إنه لا يحتاج للعزائم الخارقة الفائقة، التي لا توجد عادة إلا في القلة من البشر.

وهذا الدين ما جاء لهذه القلة القليلة، إنما جاء للناس جميعاً.

والناس معادن وطبقات وألوان من ناحية القدرة على النهوض بالتكاليف.

وهذا الدين ييسر لهم جميعاً أن يؤدوا الطاعات المطلوبة فيه، وأن يكفوا عن المعاصي التي نهى الله عنها.

وقتل النفس والخروج من الديار مثلاً للتكاليف الشاقة التي لو كتبت عليهم ما فعلها إلا قليل منهم.

وهي لم تكتب لأنه ليس المراد من التكاليف أن يعجز عنها عامة الناس، وأن ينكل عنها عامة الناس.

بل المراد أن يؤديها الجميع، وأن يقدر عليها الجميع، وأن يشمل موكب الإيمان

<<  <  ج: ص:  >  >>