للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلو تكلم المسلم عن التقوى بلسانه، أو كتب عنها بيده، أو فكر فيها بدماغه، وليس في قلبه حقيقة التقوى، لم تحصل له الموعودات السابقة على التقوى؛ لأنه جاء بلفظ التقوى، ولكن ليست عنده حقيقة التقوى.

وإذا كان المسلم لباسه فيه التقوى، وكلامه فيه التقوى، وصورته فيها التقوى، ولكن ليس في قلبه حقيقة التقوى، فليس له الموعود على التقوى، فهذه صورة التقوى.

وحقيقة التقوى:

تكون في القلب بالإيمان بالله وطاعته وعبادته وخشيته.

ثم تظهر على الجوارح بفعل الطاعات، واجتناب المعاصي.

وهذه هي التي تتحقق بها موعودات الله على التقوى.

فما أحسن الفقه في الدين، ومعرفة أحكامه وسننه، وليس فوق هذا شيء من الخير كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين» متفق عليه (١).

فعلى المسلم أن يحرص على حضور مجالس الذكر التي أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - أنها رياض الجنة، ليتأثر من كلام الله ورسوله، ويعرف أحكام دينه، ويزيد يقينه على ربه، وعلى موعوداته في الجنة، ويعرف قيمة الأعمال الصالحة، ويسمع كلام الله بالتوجه والإنصات لتحصل له الهداية، ثم يعمل بما علم، ويبلغه للناس: {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ (١٨)} [الزمر: ١٨].

فلله كم يحصل لهؤلاء من الأجر والثواب؟ وكم تنزل عليهم من الرحمات؟ وكمن يذكرهم الله فيمن عنده؟.

قال الله تعالى: {وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ (٧٩)} [آل عمران: ٧٩].

وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «مَثَلُ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ كَمَثَلِ نَهْرٍ جَارٍ غَمْرٍ عَلَى باب


(١) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (٧١)، ومسلم برقم (١٠٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>