أحَدِكُمْ، يَغْتَسِلُ مِنْهُ كُلَّ يَوْمٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ» أخرجه مسلم (١).
والله عزَّ وجلَّ فاوت بين النوع الإنساني أعظم تفاوت يكون بين المخلوقين، فاوت بينهم في الخَلْق والخُلُق، وفاوت بينهم في العلم، وهذا التفاوت العظيم إنما حصل بالعلم وثمرته، ولو لم يكن في العلم إلا القرب من رب العالمين، والالتحاق بعالم الملائكة، وصحبة الملأ الأعلى لكفى به شرفاً وفضلاً، فكيف وعز الدنيا والآخرة منوط به.
وسنة الله أن جعل لكل مخلوق كمالاً يختص به هو غاية شرفه، فإذا عدم كماله انتقل إلى الرتبة التي دونه واستعمل فيها.
وهكذا الآدمي:
إذا كان صالحاً لاصطفاء الله له برسالته ونبوته اتخذه رسولاً ونبياً، فالله أعلم حيث يجعل رسالته، فإذا كان جوهره قاصراً عن هذه الدرجة، صالحاً للنبوة رشحه لذلك، وبلّغه إياها، فإن كان قاصراً عن ذلك قابلاً لدرجة الولاية رُشّح لها.
وإن كان ممن يصلح للعمل والعبادة دون العلم والمعرفة جعل من أهله، حتى ينتهي إلى درجة عموم المؤمنين.
فإن نقص عن هذه الدرجة، ولم تكن نفسه قابلة لشيء من الخير أصلاً استعمل حطباً ووقوداً للنار.
فالإنسان يترقى في درجات الكمال درجة بعد درجة، حتى يبلغ نهاية ما يناله أمثاله، فكم بين حاله في أول كونه نطفة، وبين حاله والرب يسلم عليه في داره، وينظر إلى وجه ربه الكريم.
فكيف يحسن بذي همة أن يرضى أن يكون حيواناً وقد أمكنه أن يصير إنساناً، وبأن يكون إنساناً وقد أمكنه أن يصير ملكاً في مقعد صدق عند مليك مقتدر.