ولا ما يحصنه منه، ولا بكيفية محاربته، ولا بأي شيء يحاربه، وهذا كله لا يحصل إلا بالعلم.
والخير كله بمجموعه ثمر يجتنى من شجرة العلم، والشر كله بمجموعه شوك يجتنى من شجرة الجهل.
وكل شر في العالم سببه مخالفة ما جاءت به الرسل.
وكل خير في العالم فسببه طاعة الرسل.
وآفة العلم عدم مطابقته لمراد الله الديني الذي يحبه ويرضاه، وذلك يكون من فساد العلم تارة .. ومن فساد الإرادة تارة.
ففساده من جهة العلم أن يعتقد أن هذا مشروع محبوب لله، وهو ليس كذلك، أو يعتقد أنه يقربه إلى الله وإن لم يكن مشروعاً، فيظن أنه يتقرب إلى الله بهذا العمل.
وأما فساده من جهة القصد، فأن لا يقصد به وجه الله والدار الآخرة، بل يقصد به الدنيا والخلق.
ولا سبيل للسلامة من هاتين الآفتين في العلم والعمل إلا بمعرفة ما جاء به الرسول في باب العلم والمعرفة، وإرادة وجه الله والدار الآخرة في باب القصد والإرادة.
فمتى خلا القلب من هذه المعرفة وهذه الإرادة فسد علمه وعمله.
وكل من آثر الدنيا واستحبها من أهل العلم فلا بد أن يقول على الله غير الحق في فتواه وحكمه وفي خبره وإلزامه.
لأن أحكام الرب سبحانه كثيراً ما تأتي على خلاف أغراض الناس، ولا سيما أهل الرياسة، والذين يتبعون الشهوات، فإنهم لا تتم لهم أغراضهم إلا بمخالفة الحق ودفعه.
فإذا كان العالم والحاكم محبين للرياسة، متبعين للشهوات، لم يتم لهما ذلك إلا بدفع ما يضاده من الحق، ولا سيَّما إذا قامت له شبهة، فتتفق الشبهة والشهوة،