للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خَدِيجَةُ: يَاابْنَ عَمِّ، اسْمَعْ مِنِ ابْنِ أخِيكَ. فَقَالَ لَهُ وَرَقَةُ: يَا ابْنَ أخِي مَاذَا تَرَى؟ فَأخْبَرَهُ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - خَبَرَ مَا رَأى، فَقَالَ لَهُ وَرَقَةُ: هَذَا النَّامُوسُ الَّذِي نَزَّلَ اللهُ عَلَى مُوسَى، يَا لَيْتَنِي فِيهَا جَذَعٌ، لَيْتَنِي أكُونُ حيّاً إذْ يُخْرِجُكَ قَوْمُكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «أوَمُخْرِجِيَّ هُمْ». قال: نَعَم ْ، لَمْ يَأْتِ رَجُلٌ قَطُّ بِمِثْلِ مَا جِئْتَ بِهِ إلا عُودِيَ، وَإنْ يُدْرِكْنِي يَوْمُكَ أنْصُرْكَ نَصْراً مُؤَزَّراً. ثُمَّ لَمْ يَنْشَبْ وَرَقَةُ أنْ تُوُفِّيَ، وَفَتَرَ الْوَحْيُ. متفق عليه (١).

الله تبارك وتعالى أنزل هذا القرآن في ليلة مباركة كما قال سبحانه: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ (٣) فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ (٤)} [الدخان: ٣، ٤].

والليلة المباركة التي أنزل فيها القرآن هي والله أعلم الليلة التي بدأ فيها نزوله، وهي ليلة القدر كما قال سبحانه: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (١)} [القدر: ١].

وليلة القدر إحدى ليالي رمضان الذي أنزل فيه القرآن كما قال سبحانه: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ} [البقرة: ١٨٥].

والقرآن لم ينزل كله على النبي - صلى الله عليه وسلم - في تلك الليلة، كما أنه لم ينزل كله في رمضان، ولكنه بدأ يتصل بهذه الأرض في رمضان، وكانت هذه الليلة موعد ذلك الاتصال المبارك.

وإنها لمباركة حقاً، تلك الليلة التي يفتح الله فيها ذلك الفتح على البشرية، والتي يبدأ فيها استقرار هذا المنهج الإلهي في حياة البشر، والتي يتصل الناس فيها بهذا الكون وخالقه عن طريق هذا القرآن الذي فيه تبيان كل شيء.

ويقيم من خلاله عالماً إنسانياً مستقراً، عالماً طاهراً نظيفاً كريماً، يعيش فيه الإنسان على الأرض موصولاً بالسماء في كل حين.

وأول ما نزل من القرآن قوله سبحانه {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (١) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (٢) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (٣)} [العلق: ١ - ٣].


(١) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (٣)، واللفظ له، ومسلم برقم (١٦٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>