من قلب العبد قوة الحب كلها، ويصبح فؤاده فارغاً إلا من محبته.
وإذا تجلى سبحانه بصفات الرحمة والبر، واللطف والإحسان، انبعثت قوة الرجاء في العبد فسار إلى ربه، وكلما قوي الرجاء جدَّ في العمل.
وإذا تجلى الرب بصفات العدل والانتقام، والغضب والعقوبة، انقمعت النفس الأمارة بالسوء، وبطلت أو ضعفت قواها من الشهوة والغضب، واللهو واللعب، والحرص على المحرمات.
وإذا تجلى سبحانه بصفات الأمر والنهي، وإرسال الرسل، وإنزال الكتب، وشرع الشرائع، انبعثت من النفس قوة الامتثال والطاعة، وتنفيذ أوامره، والتبليغ لها، والتواصي بها.
وإذا تجلى بصفة السمع والبصر والعلم انبعثت من العبد قوة الحياء، فيستحي من ربه أن يراه على ما يكره، أو يسمع منه ما يكره، أو يخفي في سريرته ما يمقته عليه.
فتبقى حركاته وأقواله وأفعاله موزونة بميزان الشرع.
وإذا تجلى سبحانه بصفات الكفاية، والقيام بمصالح العباد، وسوق أرزاقهم، ودفع المصائب عنهم، ونصره لأوليائه، انبعثت من العبد قوة التوكل على ربه، والتفويض إليه، والرضى به.
وإذا تجلى جلَّ جلاله بصفات العز والكبرياء، انبعثت من العبد صفات الذل لعظمة الله، والانكسار لعزته، والخضوع لكبريائه، وخشوع القلب والجوارح لجلاله، فتعلوه السكينة والوقار في قلبه ولسانه وجوارحه.
والله عزَّ وجلَّ يدعو عباده في القرآن إلى معرفته من طريقين:
أحدهما: النظر في مخلوقاته ومفعولاته.
الثاني: التفكر في آياته وتدبرها.
فتلك آياته المشهودة .. وهذه آياته المسموعة المعقولة.