والحياة والنور موقوفان على نفخ الرسول الملكي .. ونفخ الرسول البشري.
ومن حصل له نفخ الرسول الملكي، دون نفخ الرسول البشري، حصلت له إحدى الحياتين، وفاتته الأخرى، كما قال سبحانه: {أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (١٢٢)} [الأنعام: ١٢٢].
ولم يجالس هذا القرآن أحد إلا قام منه بزيادة أو نقصان كما قال سبحانه: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا (٨٢)} [الإسراء: ٨٢].
والإنسان إذا قرأ القرآن وكرره من غير فهم وعمل، كان كمن يكرر قراءة كتاب الملك كل يوم عدة مرات، وقد أمره فيه بعمارة مملكته، وهو تاركها أو مشغول بتخريبها، ومقتصر على قراءة كتابه.
فلو ترك القراءة مع المخالفة لكان أبعد عن الاستهزاء والمقت.
فالذي يتلو كتاب الله لمجرد التلاوة ويعطل أحكامه، كمثل الحمار يحمل أسفاراً، فكيف حال من لا يقرؤه ولا يهتم به؟: {مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (٥)} [الجمعة: ٥].