ومجتمعاتهم وطريقة حياتهم خارج هذا القرآن، كما كان الناس في الجاهلية القديمة يطلبون للإيمان خوارق ومعجزات غير هذا القرآن كما قال سبحانه عنهم: {أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (٥١)} [العنكبوت: ٥١].
فأما هؤلاء فقد كانت تحول جاهليتهم الساذجة وأهواؤهم ومصالحهم الذاتية دون رؤية الآيات الكونية الهائلة، والآيات الشرعية الكاملة في هذا الكتاب العظيم.
وأما أهل الجاهلية الحديثة فيحول بينهم وبين هذا القرآن العظيم غرور العلم البشري الذي فتحه الله عليهم في عالم المادة، وغرور التنظيمات والتشكيلات التي ظهرت مع تجدد الحياة، وتوالي التجارب، وتجدد الحاجات.
كما يحول بينهم وبين هذا القرآن كيد الأعداء من اليهود والنصارى، والصليبيين والمنافقين، الذي لم يكف لحظة واحدة عن حرب هذا الدين وكتابه القويم.
ومحاولة إلهاء أهله عنه، وإبعادهم عن توجيهه المباشر، وذلك بعدما علم هؤلاء الأعداء من تجاربهم الطويلة معه أن لا طاقة لهم بأهل هذا الدين ما داموا عاكفين على هذا الكتاب، عكوف الجيل الأول، لا عكوف التغني بآياته وحياتهم كلها بعيدة عن توجيهاته وسننه وأحكامه.
وهو كيد مطرد لئيم خبيث، ثمرته النهائية هذه الأوضاع التي يعيش فيها الناس اليوم، والتي تسر الشياطين، وتغضب الله رب العالمين.
ويتبع ذلك محاولات أخرى في كل مكان للتعفية على آثار هذا الدين بأساليب ماكرة، ولتدارس قرآن غير قرآنه، يرجع إليه في تنظيم الحياة كلها، ويرد إليه كل اختلاف، كما كان المسلمون يرجعون إلى كتاب الله في جميع أحوالهم.
وذلك بتحكيم القوانين والنظم التي يفترونها، ونبذ أحكام الله، ورفعها من منهج الحياة، فنبذوا كتاب الله، واتبعوا ما أمرتهم به الشياطين، وصفق لذلك المنافقون والمغرورون.