للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فواعجباً لهؤلاء وأولئك، ألا ما أعظم تلاعب الشيطان بالبشر.

هؤلاء أعرضوا عن الدين وأضلوا .. وأولئك ضلوا وخسروا.

والجميع في شقاء ووبال وسفال: {وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (٢٠)} [سبأ: ٢٠].

فليهنأ من ثبت على دينه، وسار على هدى ربه وسنة رسوله، ففيهما البصائر والهدى والشفاء، والسعادة في الدنيا والآخرة: {قُلْ إِنَّمَا أَتَّبِعُ مَا يُوحَى إِلَيَّ مِنْ رَبِّي هَذَا بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (٢٠٣)} [الأعراف: ٢٠٣].

ولهذا أمرنا الله بتدبر القرآن، والتفكر في آياته، والعمل بما فيه، والمداومة على تلاوته، وحسن الاستماع له كما قال سبحانه: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (٢٠٤)} [الأعراف: ٢٠٤].

إن الاستماع لهذا القرآن والإنصات له هو الأليق بجلال هذا القول، وبجلال قائله سبحانه.

وإذا قال الملك الجبار الرحمن الرحيم كلاماً يوجه فيه عباده إلى ما ينفعهم ويحذرهم مما يضرهم، ويعرفهم بعظمته وجلاله، ويذكرهم بآلائه ونعمه، أفلا يستمعون وينصتون لعلهم يرحمون؟.

ألا ما أعظم خسارة البشرية حين يعرضون عن هذا القرآن الكريم.

إن الآية الواحدة منه لتصنع أحياناً في النفس حين تستمع له وتنصت أعاجيب من الانفعال والتأثر والاستجابة، والطمأنينة والراحة، ما لا يدركه إلا من ذاق ذلك وعرفه: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (٢)} [الأنفال: ٢].

لقد حاول أعداء هذا الدين أن يصرفوا الناس عن هذا القرآن نهائياً منذ نزوله إلى يومنا هذا كما قال سبحانه: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ (٢٦)} [فصلت: ٢٦].

فلما عجزوا حولوه إلى تراتيل يترنم بها القراء، ويطرب لها المستمعون، ولم

<<  <  ج: ص:  >  >>