وخلق الله عزَّ وجلَّ عظيم محكم، فلا يستطيع مخلوق أن يخلق مثله، فضلاً عن أن يخلق أحسن منه: {فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ (١٤)} [المؤمنون: ١٤].
والله وحده هو الخلاق العليم، وهو خالق كل شيء، والخلق كلهم لو اجتمعوا ما استطاعوا أن يخلقا ذباباً، بل لو سلبهم الذباب شيئاً ما استطاعوا رده كما قال سبحانه: {إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ (٧٣) مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (٧٤)} [الحج: ٧٣، ٧٤].
وهو سبحانه الخالق الذي لا يعجزه شيء، الذي بدأ الخلق، وهو قادر على إعادته، فله وحده القدرة الكاملة، وله العزة الكاملة، وله الحكمة الواسعة، فعزته أوجد بها المخلوقات، وأظهر المأمورات، وحكمته أتقن بها ما صنعه، وأحسن فيها ما شرعه: {وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٢٧)} ... [الروم: ٢٧].
وهو سبحانه خالق كل شيء، وقاهر كل شيء.
فالمخلوقات التي خلقها الله عزَّ وجلَّ، كل مخلوق فوقه مخلوق يقهره، ثم فوق ذلك القاهر قاهر أعلى منه، حتى ينتهي القهر لجميع المخلوقات لله الواحد القهار: {أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (١٦)} ... [الرعد: ١٦].
والله جل جلاله هو الذي خلق المخلوقات كلها، وتفرد بالملك، ودبر الممالك والخلائق، وأجرى عليهم أحكامه الكونية، وأحكامه الدينية: {أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (٥٤)} ... [الأعراف: ٥٤].
والله عزَّ وجلَّ هو الخالق الذي له القدرة المطلقة، فخلق جميع الخلق على كثرتهم، ويبعثهم بعد موتهم بعد تفرقهم في لمحة واحدة، كخلقه نفساً واحدة، فسبحان القوي العزيز الذي لا يعجزه شيء: {مَا خَلْقُكُمْ وَلَا بَعْثُكُمْ إِلَّا