وكل من المحكم والمتشابه ابتلاء للعقل، يفهم أشياء ويعمل بها، ولا يفهم أشياء فيجب أن يؤمن بها؛ لأن الله قالها، وعليه الانقياد والتسليم في الحالين.
والقرآن الكريم ذكر يذكر الله به عباده بما يصلحهم في الدنيا والآخرة، كما قال سبحانه: {إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ (٢٧) لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ (٢٨)} [التكوير: ٢٧، ٢٨].
فالقرآن الكريم يذكرهم بالرب تعالى وأسمائه وصفاته وأفعاله .. ويذكرهم بحقوق الرب على عباده .. ويذكرهم بالمبدأ والمعاد .. ويذكرهم بالخير ليقصدوه .. وبالشر ليجتنبوه .. ويذكرهم بنفوسهم وما تكمل به.
ويذكرهم برحمة الله ليسألوه إياها .. ويذكرهم بشدة بطشه ليتقوا غضبه .. ويذكرهم بالنعم ليشكروها .. وبإكرامه لمن أطاعه .. وانتقامه ممن عصى أمره .. وكذب رسله.
وقد بين الله عزَّ وجلَّ في القرآن أصول الأخلاق التي تحقق السعادة في الدنيا والآخرة، وزين بها أفضل خلقه وأحسنهم وأجملهم محمداً - صلى الله عليه وسلم -، فكان أحسن الناس خَلْقاً وخُلُقاً؛ لأن خلقه القرآن، يتأدب بآدابه، ويحل حلاله، ويحرم حرامه، ويعمل بأوامره، ويجتنب نواهيه، ويتخلق بأخلاقه.
وهذه الأخلاق التي وردت في القرآن:
منها ما يتعلق بالفرد والأسرة .. ومنها ما يتعلق بالمجتمع والشعب .. ومنها ما يتعلق بالحاكم والدولة، وهذه الأخلاق موجهة للبشرية قاطبة، لتأخذ بها وتتجمل بها، وتعمل بها، وتدعو إليها، فهي خير أمة أخرجت للناس، وهذه الأخلاق العالية هي التي تميزها عن الناس.
فقد أمر الله سبحانه الفرد بالتحكم في شهواته، وكظم غيظه، وأمر بالصدق والأمانة .. والحلم والعفو .. والرأفة والرحمة .. والعطف والحب .. والثبات والصبر .. والعدل والإحسان .. والتواضع والرفق .. والمبادرة إلى الصالحات ..