للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم هم بعد ذلك يهملون ويعرضون، ولكن الله رحيم لم يعاجلهم بالعقوبة وهم مستحقون للإهمال والإعراض: {أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحًا أَنْ كُنْتُمْ قَوْمًا مُسْرِفِينَ (٥)} [الزخرف: ٥].

والقرآن العظيم كله محكم، مشتمل على غاية الإتقان والإحكام، والعدل والإحسان كما قال سبحانه: {كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ (١)} [هود: ١].

وكل القرآن متشابه في الحسن والبلاغة، وتصديق بعضه لبعض كما قال سبحانه: {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ (٢٣)} [الزمر: ٢٣].

وآيات القرآن نوعان:

آيات محكمات .. وآيات متشابهات.

فالآيات المحكمات: هي الواضحات الدلالة، ليس فيها شبهة ولا إشكال، وهي أم الكتاب وأصله الذي يرجع إليه كل متشابه، وهي معظمه وأكثره.

ومنه آيات متشابهات، يلتبس معناها على كثير من الأذهان، لكون دلالتها مجملة، أو يتبادر إلى الأفهام غير المراد منها.

فالواجب رد المتشابه إلى المحكم، والخفي إلى الجلي، وبهذا يزول الإشكال والتعارض.

وكل من المحكم والمتشابه من عند الله، وما كان من عند الله فليس فيه تعارض ولا تناقض، بل هو متفق يصدق بعضه بعضاً، ويشهد بعضه لبعض.

والواجب أن نعمل بمحكمه، ونؤمن بمتشابهه: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ (٧)} [آل عمران: ٧].

<<  <  ج: ص:  >  >>