ذكرٌ بحسب وظيفته، وقرآنٌ بحسب تلاوته، فهو ذكر لله يشتغل به القلب، وهو قرآن يتلى ويشتغل به اللسان.
وهو منزل ليؤدي وظيفة محددة: {لِيُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيًّا وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكَافِرِينَ (٧٠)} [يس: ٧٠].
ينذر من به حياة فيجدي فيهم الإنذار، فأما الكافرون فهم موتى لا يسمعون النذير، ولو سمعوا ما استجابوا.
ووظيفة القرآن بالنسبة إليهم هي تسجيل الاستحقاق للعذاب، فإن الله لا يعذب أحداً حتى تبلغه الرسالة، ثم يكفر عن بينة، ويهلك بلا حجة ولا معذرة.
والقرآن الكريم كلام الله عزَّ وجلَّ، جعله عربياً حين اختار العرب لحمل هذه الرسالة، ولما يعلمه من صلاحية هذه الأمة، وهذا اللسان لحمل هذه الرسالة ونقلها للعالمين.
ولهذا القرآن عند الله مكانة عظيمة، فهو كتاب الله للبشرية إلى أن تقوم الساعة: {إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (٣) وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ (٤)} [الزخرف: ٣، ٤].
فهل يشعر القوم الذين جعل الله القرآن بلسانهم بقيمة الهبة الضخمة التي وهبها الله إياهم؟.
وهل يتذكرون قيمة النعمة التي أنعم الله بها عليهم؟.
وقد كان عجيباً وما يزال، أن يعنى الله في عظمته وعلوه وغناه بهذا الفريق من البشر، فينزل لهم كتاباً بلسانهم، يحدثهم بما في نفوسهم، ويصلح أحوالهم، ويبين لهم طريق الهدى.