والله سبحانه أنزل الكتاب بالحق، وهو الحق الذي يدعو إلى الحق: {وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ هُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ إِنَّ اللَّهَ بِعِبَادِهِ لَخَبِيرٌ بَصِيرٌ (٣١)} [فاطر: ٣١].
ودلائل الحق في القرآن جلية واضحة، وهو مصدق لما قبله من الكتب السابقة الصادرة من مصدره كالتوراة والإنجيل.
هذا هو الكتاب في ذاته، وقد أورثه الله لهذه الأمة المسلمة، واصطفاها لهذه الوراثة، وأكرمها بذلك، ثم أكرمها بفضله في الجزاء حتى لمن أساء كما قال سبحانه: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ (٣٢)} [فاطر: ٣٢].
فالفريق الأول: هو الأكثر عدداً ظالم لنفسه، تربو سيئاته على حسناته.
والثاني: وسط مقتصد، حسناته تعادل سيئاته.
والثالث: سابق بالخيرات بإذن الله، تربو حسناته على سيئاته.
ولكن فضل الله شمل الثلاثة جميعاً.
فكلهم جميعاً انتهى إلى الجنة وإلى النعيم، على تفاوت في الدرجات، ذلك هو الفضل الكبير.
وفي الجانب الآخر الكفار، حيث العذاب والقلق والاضطراب: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ (٣٦)} [فاطر: ٣٦].
إنهما صورتان متقابلتان:
صورة الأمن والراحة .. تقابلها صورة القلق والاضطراب.