للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثالثة: حصول الشفاء بعد تناول الغذاء وزوال الأخلاط، وكذا حصول الهدى، لا يمكن إلا بعد حصول النور في القلب، فإذا جاء نور الإيمان، جاء الهدى ونور القرآن، وإذا جاء الهدى ولى الضلال.

الرابعة: الرحمة، وبالرحمة يكون العلاج، ولولا رحمة الله ما قام في الدنيا والآخرة شيء.

فالنفس الزكية البالغة درجات الكمال تفيض أنوارها على أرواح الناقصين، وخص المؤمنين؛ لأن أرواح الكفار والمعاندين لا تستضيء بأنوار أرواح الأنبياء، كما أن الجسم القابل للنور هو الجسم المقابل لقرص الشمس.

وكلام الله عزَّ وجلَّ كله عظيم، وبعضه أفضل من بعض، وذلك أن الكلام له نسبتان:

نسبة إلى المتكلم به وهو الله .. ونسبة إلى المتكلَّم فيه.

فهو يتفاضل باعتبار النسبتين، وباعتبار نفسه أيضاً.

فـ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (١)} [الإخلاص: ١].

و: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (١)} [المسد: ١].

كلاهما كلام الله، وهما مشتركان في هذه الجهة.

لكنهما يتفاضلان من جهة المتكلَّم فيه، فهذا كلام الله وخبره عن نفسه عزَّ وجلَّ، والثاني كلام الله الذي تكلم به عن بعض خلقه.

وكلام الأنبياء والعلماء والخطباء، بعضه أفضل من بعض، وإن كان المتكلم واحداً، وتفاضل الكلام من جهة المتكلم فيه سواء كان خبراً أو إنشاءً أمر معلوم.

فليس الخبر عن الله وأسمائه وصفاته والثناء عليه كالخبر المتضمن لذكر أبي لهب وفرعون وإبليس، وإن كان كل الكلام عظيماً تكلم به الله.

وكذلك الأمر بالتوحيد والإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله ونحو ذلك ليس كالأمر بلعق الأصابع وإماطة الأذى عن الطريق ونحو ذلك، وإن كانت كل

<<  <  ج: ص:  >  >>