رمضان، وتحريم كل ذي ناب من السباع، وكل ذي مخلب من الطير، وتحريم لحوم الحمر الأهلية، وكون ذكاة الجنين في بطن أمه ذكاة أمه، ونحو ذلك.
وهذه الأحوال الثلاث تقع في الأحكام والأخبار.
ومجالس النبي - صلى الله عليه وسلم - العلمية كانت مفتوحة لكل الناس رجالاً ونساء، عرباً وعجماً، خاصة وعامة، أغنياء وفقراء، ولم يكن للنبي - صلى الله عليه وسلم - مدرسة مشيدة، ولا معهد للتعليم يجلس فيه إلى أصحابه.
بل كانت مجالسه العلمية كيفما اتفق:
فهو في الجيش معلم وواعظ يلهب القلوب بوعظه، ويحمس الجنود بقوله.
وهو في السفر مرشد وهاد .. وهو في البيت يعلم أهله السنن والآداب .. وهو في المسجد مدرس وخطيب، وقاضٍ ومفتٍ، وهو في الطريق يستوقفه أضعف الناس ليسأله عن أمر دينه فيقف ليعلمه ويرشده.
وهو في جميع أحواله مرشد وناصح ومعلم.
إلا أنه كثيراً ما كان يعقد لأصحابه المجالس العلمية بالمسجد، حيث يجتمعون فيه في أغلب الأوقات لأداء فريضة الصلاة، فكان يتخولهم بالموعظة تلو الموعظة، والدرس تلو الدرس، حتى لا يملوا ويسأموا.
عن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: كَانَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - يَتَخَوَّلُنَا بِالْمَوْعِظَةِ فِي الأيَّامِ كَرَاهَةَ السَّآمَةِ عَلَيْنَا. متفق عليه (١).
فعلى العلماء والدعاة أن يهتدوا بسنته، ويقتدوا بأقواله وأفعاله كما قال سبحانه: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا (٢١)} [الأحزاب: ٢١].
ولم يكن - صلى الله عليه وسلم - محجوباً عن رعيته كالملوك، ولا سلطاناً مترفعاً عن الاختلاط بأفراد أمته.
(١) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (٦٨)، واللفظ له، ومسلم برقم (٢٨٢١).