خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ (٢٦٩)} [البقرة: ٢٦٩].
وأفضل منازل الخلق عند الله منزلة النبوة والرسالة، فهم الوسائط بين الله وخلقه، في إبلاغ رسالاته، والتعريف به وبأسمائه وصفاته، ودينه وشرعه، فهم أكمل الخلق علوماً وأعمالاً، وأشرفهم أخلاقاً.
وجعل أشرف مراتب الناس بعدهم مرتبة خلافتهم ونيابتهم في أممهم وهم العلماء، الذين يقومون بتعليم الأمة، وإرشاد الضال، وتعليم الجاهل، ونصر المظلوم، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
فهؤلاء أفضل أتباع الأنبياء، وهم ورثتهم حقاً دون الناس: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا (٦٩)} [النساء: ٦٩].
وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: « ... مَنْ سَلَكَ طَرِيقاً يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْماً، سَهَّلَ اللهُ لَهُ بِهِ طَرِيقاً إِلَى الْجَنَّةِ» أخرجه مسلم (١).
والنجوم يهتدى بها في ظلمات البر والبحر، وكذلك العلماء يهتدى بعلمهم في ظلمات الجهل والبدع.
والنجوم زينة للسماء، وكذلك العلماء زينة للأرض.
وكذلك النجوم رجوم للشياطين الذين يسترقون السمع ويكذبون على الخلق، فكذلك العلماء رجوم لشياطين الإنس والجن.
فقد جعلهم الله حراساً لدينه، وحفظة لشريعته، ورجوماً لأعدائه وأعداء رسله.
والعلم يرفع صاحبه في الدنيا والآخرة ما لا يرفعه الملك ولا المال ولا غيرهما.
وطلب العلم له أربع حالات:
فمن طلب العلم لله فهذا بأرفع المنازل .. ومن طلب العلم للدنيا فقط فهو آثم .. ومن طلب العلم لله وللدنيا فهذا ينقص أجره ولا إثم عليه .. ومن طلبه رياء فهو
(١) أخرجه مسلم برقم (٢٦٩٩).