للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَعْلَمُونَ (١٥١) فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ (١٥٢)} [البقرة: ١٥١، ١٥٢].

والجهاد نوعان:

جهاد باليد والسنان، وهذا المشارك فيه كثير.

وجهاد بالحجة والبيان، وهذا جهاد الخاصة من أتباع الرسل، وهو جهاد الأئمة من العلماء، وهو أفضل الجهادين؛ لعظم منفعته، وشدة مؤنته، وكثرة أعدائه من الكفار والمنافقين كما قال سبحانه: {وَلَوْ شِئْنَا لَبَعَثْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ نَذِيرًا (٥١) فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا (٥٢)} [الفرقان: ٥١، ٥٢].

والجزاء من جنس العمل، فمن سلك طريقاً يطلب فيه حياة قلبه، ونجاته من الهلاك، سلك الله به طريقاً إلى الجنة كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: « ... مَنْ سَلَكَ طَرِيقاً يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْماً، سَهَّلَ اللهُ لَهُ بِهِ طَرِيقاً إِلَى الْجَنَّةِ» أخرجه مسلم (١).

وقد نفى سبحانه التسوية بين أهل العلم وغيرهم فقال سبحانه: {أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ (٩)} [الزمر: ٩].

وثواب العلم لا ينقطع، وهذا من أعظم الأدلة على شرف العلم وفضله وعظيم ثمرته، فإن ثوابه يصل إلى الرجل بعد موته ما دام ينتفع به، فكأنه حي لم ينقطع عمله.

قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إِذَا مَاتَ الإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلاَّ مِنْ ثَلَاثَةٍ: إِلاَّ مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَه» أخرجه مسلم (٢).

وقد حصر الله خشيته في العلماء، وكفى بخشية الله علماً، فأهل العلم الإلهي هم أهل خشيته سبحانه كما قال عزَّ وجلَّ: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ (٢٨)} [فاطر: ٢٨].


(١) أخرجه مسلم برقم (٢٦٩٩).
(٢) أخرجه مسلم برقم (١٦٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>