وبقدر توجه السامع الله يلهم المتكلم، فإن أعرض الناس عنه بقلوبهم التبس عليه الأمر، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - حين قرأ خلفه أحد الصحابة في الصلاة:«مَالِي أُنَازَعُ الْقُرْآنَ» أخرجه أبو داود والترمذي (١).
والعلماء قسمان:
١ - أهل الإيمان والتقوى وهم العلماء بالله وأسمائه وصفاته، ودينه وشرعه، فهؤلاء في أعلى الدرجات، وهم ورثة الأنبياء.
٢ - علماء السوء، وهؤلاء كالمنخل يخرج منه الدقيق الطيب، وتبقى فيه النخالة، وتخرج من أفواههم الحكمة، ويبقى الغل في صدورهم، العلم يخرج من أفواههم، وأجوافهم منه مقفرة.
فهؤلاء يأكلون الدنيا بالدين، ويقولون على الله غير الحق، فهم أول من تسعر بهم النار؛ لأنهم ضلوا وأضلوا غيرهم.
وطلب العلم الشرعي وتعليمه فرض عين على كل من أعطاه الله فهماً وحفظاً، ولا يقال للعالم رباني حتى يكون عالماً معلماً عاملاً.
فالعالم الرباني سبب لبقاء أعمال الدين وأدائها على الوجه الصحيح، كما أن الداعي سبب لبقاء الدين ذاته وكثرة الداخلين فيه.
وكما وكل الله الشمس بالإنارة في العالم كله كذلك وكل الله المسلمين بنشر الهداية في العالم كله.
فالدعاة إلى الله يدعون البشرية إلى عبادة الله وحده لا شريك له، والعلماء يعلمون الناس كيف يعبدون الله وحده لا شريك له.
فما أحوج البشرية إلى هؤلاء وهؤلاء.
وما أعظم أثرهم على البلاد والعباد.
(١) صحيح: أخرجه أبو داود برقم (٨٢٦) وهذا لفظه، صحيح سنن أبي داود (٧٣٦) وأخرجه الترمذي برقم (٣١٢)، صحيح سنن الترمذي رقم (٢٥٧).