وقد أمر الله عزَّ وجلَّ كل مسلم ومسلمة بعد الإقرار بالشهادتين بأربعة أشياء:
الأول: الصلاة، وفيها يتصل المخلوق بخالقه فيستفيد من خزائنه.
الثاني: الزكاة، وفيها مواساة المخلوق القادر للمخلوق العاجز.
الثالث: الصيام، وبه يتعود الصبر على الأوامر، والصبر عن الشهوات، فإذا انتصر على النفس أمكنه الانتصار على الغير من أعدائه.
الرابع: الحج، وفيه الخروج في سبيل الله ابتغاء مرضاة الله، وتذكير الإنسان بأنه غريب مسافر إلى دار أخرى.
وجميع أعمال الدين كملت في عهده - صلى الله عليه وسلم -، وخرجت من مسجده - صلى الله عليه وسلم -، وانتشرت في جميع أنحاء العالم.
فكان مسجده - صلى الله عليه وسلم - مدرسة فتحت أبوابها في جميع الأوقات لتعلم الدين .. والعمل به .. والدعوة إليه.
يتعلم فيها مختلف الأجناس من عرب وعجم .. ومختلف الألوان من بيض وسود .. ومختلف الطبقات من أغنياء وفقراء .. ومختلف الأسنان من شيوخ وشبان .. ومختلف الناس من سادة وعبيد .. وغيرهم.
فكانت حلقة العلم والتعلم في مسجده - صلى الله عليه وسلم - روضة من رياض الجنة .. مباركة نافعة .. تلقن العلم والعمل .. وتزكي الروح والبدن .. وتعنى بالتربية قبل التعليم .. وبتهذيب النفوس قبل حشو الرؤوس.
فكان هؤلاء الذين تخرجوا منها تاج خير أمة أخرجت للناس، أولئك أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم -، أبر هذه الأمة قلوباً، وأعمقها علماً، وأقلها تكلفاً، قوم اختارهم الله لصحبة نبيه، وإقامة دينه، فرضي الله عنهم، ورضوا عنه: {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (١٠٠)} [التوبة: ١٠٠].
ومن هؤلاء، وبهؤلاء ظهر نور العلم .. وظهر نور العمل .. وكان كمال