فيحمده ويشكره، ويذكر العبد بتقصيره فيستغفر الله ويتوب إليه.
وهو الذي يمنح القلب نعمة الرؤية والتأثر بما في هذا الكون من مظاهر الجلال والجمال والإحسان، فيقبل على ربه محباً له عابداً له.
وهو الذي يجعل المسلم يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه، فيعمل بما يحبه ويرضاه: {أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ (٩)} [الزمر: ٩].
وليس العلم هو المعلومات المفردة المنقطعة التي تزحم الذهن، وتشحن الرأس، ولا تؤثر في القلب، ولا تمتد وراء الظاهر المحسوس.
فأصحاب هذا العلم إنما يجمعون معلومات حفظوها في أذهانهم، ونطقت بها ألسنتهم، ولم تتأثر بها قلوبهم.
أما العلم الحقيقي فهو الذي يورث القنوت لله، والخشية منه، والخشوع له، واطمئنان القلب إليه، وأنسه به، ومراقبته في جميع الأحوال، والعمل بشرعه.
وإنما يعرف أصحاب القلوب الواعية المدركة لما وراء الظواهر من حقائق بالانتفاع بما ترى وتعلم، وبذكر الله في كل حال، وفي كل شيء تراه أو تسمعه أو تلمسه، ولا تنساه في حال السراء والضراء، والشدة والرخاء.
والناس في العمل أربعة أقسام:
أحدها: أهل الإخلاص والمتابعة، فأعمالهم كلها خالصة لله على طريقة رسول الله، فهؤلاء خيار الخلق وهم بأشرف المنازل.
الثاني: من لا إخلاص له ولا متابعة، فأعمالهم ليست موافقة للشرع، ولا خالصة لله وحده، وذلك كأعمال المتزينين للخلق، المرائين لهم بما لم يشرعه الله ورسوله.
وهؤلاء هم شرار الخلق وأمقتهم إلى الله عزَّ وجلَّ.
الثالث: من هو مخلص في أعماله، لكن أعماله غير موافقة لهدي النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهم كل من عبد الله بغير أمره، كجهال العبّاد ممن يظن أن سماع المكاء