للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والتصدية قربة، وأن مواصلة صوم النهار بالليل قربة، وأن الخلوة لمناجاة الله التي يترك بها الجمعة والجماعة قربة، ونحو ذلك مما لم يرد في الشرع، وكل ذلك مردود على صاحبه كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ عَمِلَ عَمَلا لَيْسَ عَلَيْهِ أمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ» أخرجه مسلم (١).

الرابع: من أعماله على طريقة النبي - صلى الله عليه وسلم - لكنها لغير الله كطاعة المرائين، وكالرجل يقاتل شجاعةً أو حميةً أو رياء، أو يحج ليقال، أو يقرأ القرآن ليقال قارئ، أو يعلم ليقال عالم ونحو ذلك.

فهؤلاء أعمالهم ظاهرها أعمال صالحة مأمور بها، لكنها غير خالصة لله فلا تقبل، وقد سئل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الرجل يقاتل شجاعة، فقال: «مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللهِ أعْلَى فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللهِ» متفق عليه (٢).

فالمقبول من العمل مهما قلَّ أو كثر ما كان خالصاً لله، صواباً على سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما قال سبحانه: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا (١١٠)} [الكهف: ١١٠].

والحجة إنما تقوم على العباد بشيئين هما:

التمكن من العلم بما أنزل الله .. والقدرة على العمل به.

فأما العاجز عن العلم كالمجنون، أو العاجز عن العمل كالخرف فلا أمر عليهما ولا نهي.

قال الله تعالى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا (١٥)} [الإسراء: ١٥].

فالمجنون لا يعقل العلم، والخرف لا يقدر على العمل، ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها.

ومقاصد الإسلام تدور على أربعة أصول:

الأول: معرفة الله بذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله، وهو التوحيد والإيمان.


(١) أخرجه مسلم برقم (١٧١٨).
(٢) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (٢٨١٠)، ومسلم برقم (١٩٠٤)، واللفظ له.

<<  <  ج: ص:  >  >>