للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرابع: من له قوة وهمة وعزيمة، ولكنه ضعيف البصيرة في الدين، لا يكاد يميز بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان.

وليس في هؤلاء من يصلح للإمامة في الدين ولا هو موضع لها سوى القسم الأول كما قال سبحانه: {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ (٢٤)} [السجدة: ٢٤].

وكلما كان علم العبد بربه أتم كانت محبته أكمل، وكمال العبد بحسب هاتين القوتين: العلم والحب، وأفضل العلم العلم بالله، وأعلى الحب الحب له، وأكمل اللذة بحسبهما، فاللذة تابعة للمحبة، والحب والشوق تابع لمعرفته سبحانه والعلم به.

والعلم شيء غالٍ لا يحصل لأي أحد، وحلية ثمينة لا تساق إلا لمن طلبها، وجاهد من أجلها، وكان صالحاً لها.

فلا ينال العلم مستح ٍولا مستكبر، هذا يمنعه حياؤه، وهذا يمنعه كبره.

وللعلم ست مراتب لا ينال إلا بها وهي:

حسن السؤال .. وحسن الإنصات .. وحسن الفهم .. وحسن الحفظ .. والعمل به، فإنه يوجب تذكره وتدبره ومراعاته .. ونشره وتعليمه وإلا نسيه.

والأعمال التي ربى النبي - صلى الله عليه وسلم - أصحابه عليها أربعة:

الدعوة .. والجهاد .. والتعليم .. والعبادة.

وكذلك قام بها الصحابة، وهذه أعمال الأنبياء والرسل: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (٢)} [الجمعة: ٢].

فبالدعوة يقوى الإيمان، وتحصل الهداية لنا ولغيرنا، فنتكلم في عظمة الله وكبريائه، وعظمة أسمائه وصفاته وأفعاله، وخزائنه، وعجائب قدرته، وبذلك يتأثر الناس، ويزيد إيمانهم، فيقبلون على الأعمال الصالحة كما قال سبحانه: {يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (١) قُمْ فَأَنْذِرْ (٢) وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ (٣)} [المدثر: ١ - ٣].

<<  <  ج: ص:  >  >>