للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم دبَّ التقصير في أداء الفرائض، ثم خرجت حقيقة العبادة، وبقيت صورتها، وصارت جسداً بلا روح، صفوف المصلين متراصة، وقلوبهم متفرقة، والأجساد حاضرة، والقلوب شاردة: {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ (٤) الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ (٥)} [الماعون: ٤، ٥].

فما أهون هؤلاء على الله، وهم جديرون أن لا تقام لهم في الأرض راية، ولا يرفع لهم دعاء، وأن تتداعى عليهم الأمم كما تداعى الأكلة على قصعتها، وأن تحصل لهم الذلة مع أنهم يملكون أسباب العزة.

قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «يُوشِكُ أَنْ تَدَاعَى عَلَيْكُمُ الأُْمَمُ، مِنْ كُلِّ أُفُقٍ كَمَا تَدَاعَى الأَْكَلَةُ عَلَى قَصْعَتِهَا»، قَالَ: قُلْنَا: يَا رَسُولَ الله، أَمِنْ قِلَّةٍ بِنَا يَوْمَئِذٍ؟ قَالَ: «أَنْتُمْ يَوْمَئِذٍ كَثِيرٌ، وَلَكِنْ تَكُونُونَ غُثَاءً كَغُثَاءِ السَّيْلِ، يَنْتَزِعُ الْمَهَابَةَ مِنْ قُلُوبِ عَدُوِّكُمْ، وَيَجْعَلُ فِي قُلُوبِكُمُ الْوَهْنَ»، قَالَ: قُلْنَا وَمَا الْوَهْنُ؟ قَالَ: «حُبُّ الْحَيَاةِ، وَكَرَاهِيَةُ الْمَوْتِ» أخرجه أحمد وأبو داود (١).

وفي الدنيا شجرتان:

شجرة العلم .. وشجرة الجهل .. ولكل منهما ثمرة.

فشجرة العلم لو ظهرت صورتها للأبصار لزاد حسنها على صورة الشمس والقمر، فهي سبب كل خير في العالم.

فالخير بمجموعه ثمر يجتنى من شجرة العلم، ومن ثمرات هذه الشجرة: الإيمان بالله وتوحيده .. وحب الله ورسوله .. والعمل الصالح بحذافيره .. والحلم والوقار .. والكرم والإحسان .. وخفض الجناح .. وبذل المعروف .. والنصيحة لعباد الله .. والرحمة لهم .. والصبر والشكر ونحو ذلك من الأخلاق العالية من التوكل على الله .. والخشية له .. والخوف منه .. والتواصي بالحق .. والدعوة إلى الله .. والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .. وبرّ الوالدين .. وصلة


(١) حسن: أخرجه أحمد برقم (٢٢٣٩٧)، انظر السلسلة الصحيحة رقم (٩٥٨).
وأخرجه أبو داود برقم (٤٢٩٧)، صحيح سنن أبي داود رقم (٣٦١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>