الإنسان إقبالاً على ربه، فهو إظهار لقدرة الله في الكون، وإبداعه في الخلق، أذن الله بخروجه على يد بعض خلقه كما قال سبحانه: {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (٥٣)} [فصلت: ٥٣].
إن الذين فتح الله لهم باباً من أبواب العلم كان يجب أن يكونوا أكثر الناس خشية لله؛ لأن الله أطلعهم على آية من آياته، وميزهم عن غيرهم بما علموه من آثار قدرة الله.
ولكن بعض العقول تغتر وتعتقد أنها هي التي فعلت، فتهلل لهم البشر، وهم لا يستطيعون سد عرق انفجر في الإنسان، أو تحريك أصبع أصابه شلل.
إن الإنسان يقتله جشعه، فهو أحياناً يملك المال الذي يكفيه طول حياته ويزيد، ولكنه يطلب مزيداً من المال، ويشقي نفسه في الحصول عليه.
وكل مخلوق لله يأكل على قدر حاجته، فالطير والحيوان والحشرات تلتهم من الطعام ما يكفيها فقط وتترك الباقي.
أما الإنسان فهو الوحيد الذي يجمع ويأكل أكثر من حاجته، مع أن الله أعلمه أنه سيصل إليه رزقه تاماً.
وهذا الجشع البشري هو أساس الشقاء الذي جعله العلم الإنساني أساساً لكمال الحياة الدنيا ورفاهيتها.
والله عزَّ وجلَّ جعل الدنيا وسيلة للآخرة، وهذا العلم الإنساني جعلها مقصداً لا غاية بعدها.
فهؤلاء الذين لديهم العلم الإنساني بلا إيمان يعيشون في رعب وشقاء، وينتظرهم في الآخرة شقاء أشد وأبقى: {لَهُمْ عَذَابٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَقُّ وَمَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَاقٍ (٣٤)} [الرعد: ٣٤].
أما أهل العلم الإلهي، فهم أكثر الناس طمأنينة، وأشدهم خشية لله، وأشكرهم للمنعم، أولئك لهم الأمن في الدنيا والآخرة، وهم المهتدون إلى سواء السبيل: