والعلم الإنساني مهما كان كله جهالة بالنسبة للعلم الإلهي؛ لأن العلم الإلهي يربط المخلوق بالخالق، فيعرف عظمته وقدرته، وجماله وجلاله ويعرف دينه وشرعه.
والعلم الإنساني يربط المخلوق بالمخلوق، يدور حول الأرض وما فيها وما تنبت، وحول الجبال وما فيها من المعادن والأسرار، وحول الناس والدواب والأنعام.
والعلماء كلما كشف الله لهم من العلوم والأسرار في هذا الكون، هم أكثر الناس خشية لله، فهم يرون الإعجاز في كل ما خلقه الله.
وقد ذكر الله سبحانه العلم البشري كله في آية واحدة كما قال سبحانه: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ (٦٣)} [الحج: ٦٣].
والعلم نعمة كبرى خص الله بها بعض خلقه، ومن أكرمه الله بهذه النعمة فيجب أن تكون طاعته لله أكمل، وشكره له أتم، ومعصيته أقبح، ولهذا كان أشد الناس عذاباً يوم القيامة عالم لم ينفعه الله بعلمه، فهو أول من تسعر به النار.
وقواعد الشرع تقتضي أن يسامح الجاهل بما لا يسامح به العالم، وأن يغفر له ما لا يغفر للعالم.
ونعمة الله على العالم بما أودعه من العلم أعظم من نعمته على الجاهل.
وحكم الله على أن من حبي بالإنعام، وخص بالفضل والإكرام، ثم أطلق لنفسه العنان في الشهوات، وتجرأ على انتهاك الحرمات، واستخف بالتبعات والسيئات، أنه يقابل من الانتقام والعتب بما لا يقابل به من ليس في مرتبته.
وكذلك في المقابل:
من كثرت حسناته وعظمت، وكان له قدم صدق في الإسلام، وكان له في