وجعل سبحانه الخلق والتعليم ناشئاً عن صفة الرحمة، متعلقاً باسم الرحمن، وهو الاسم الذي تبارك، ومجيء البركة كلها منه، وبه وضعت البركة في كل مبارك، فكل ما ذكر عليه بورك فيه، وكل ما أخلى عنه نزعت منه البركة: {تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ (٧٨)} [الرحمن: ٧٨].
وثمرة العلم العمل به، والعمل لا يكون مقبولاً عند الله إلا بشرطين:
الإخلاص لله .. والمتابعة لرسول الله.
والمتابعة تتحقق بستة أمور:
الأول: السبب: فقيام الليل مشروع، لكن من أحياه ليلة النصف من شعبان، أو ليلة المعراج، يعتقد مشروعيتها فهو بدعة.
الثاني: الجنس: فلو ضحى بفرس فهذا لا يجوز؛ لأن الأضحية مشروعة ببهيمة الأنعام، والفرس ليس بمشروع.
الثالث: القدر: فلو زاد صلاة سادسة لم يقبل منه.
الرابع: الكيفية: فلو غسل رجليه في الوضوء قبل يديه لم يصح لمخالفته الشرع.
الخامس: الزمان: فلو حج أو صام رمضان في غير وقته لم يصح.
السادس: المكان: فلو اعتكف في غير المسجد لم يصح.
وشرف العلم تابع لشرف المعلوم، فأزكى العلوم وأشرفها وأعظمها وأكملها العلم بالله وأسمائه وصفاته وأفعاله.
فهو سبحانه الكامل في ذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله، يعلم ما في السموات وما في الأرض .. ويعلم ما بينهما وما تحت الثرى .. ويعلم ما في قعر البحار .. وما في جو السماء.
عالم الغيب والشهادة .. يعلم كل شعرة ومنبتها .. وكل شجرة ومغرسها .. وكل زرع وحبه .. وكل نبات وثمرته .. وكل رطب ويابس .. ومسقط كل ورقة: {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (٥٩)}