والله سبحانه جعل لكل علاقة مما سبق تعليمات وإرشادات، وسنناً وآداباً، وأصولاً وأحكاماً، وأعطى على ذلك الأجر والثواب.
وهذا هو الدين الذي أكرم الله به البشرية، والذي ينبغي أن يدخل في كل شيء؛ لأن به صلاح كل شيء كما قال سبحانه: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (٢٠٨)} [البقرة: ٢٠٨].
فالعبادة: هي كل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة.
وحاجة العباد إلى الدين أعظم من حاجتهم إلى الطعام والشراب، فالدين إذا خرج من حياة الأمة أصابها بلاء عظيم، وعوقبت بأمرين هما: الجهل والغفلة.
فيصير الإنسان جاهلاً بالحقوق والحدود، غافلاً عن القيام بالواجبات والحقوق والحدود، وكل حق له حد، فطاعة الوالدين حقها أن يطاعا ما لم يأمرا بمعصية الله عزَّ وجلَّ، وطاعة الحاكم حدها أن يطاع في كل شيء ما لم يأمر بمعصية الله عزَّ وجلَّ.
وإذا كانت المعاملات والعلاقات على غير الدين جاء الفساد وكثر، ثم جاءت المصائب والعقوبات نقداً كما قال سبحانه: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (٤١)} [الروم: ٤١].
والأسباب إنما هي للابتلاء، وهي مكان الأوامر، يبتلي الله بها العباد، ليعلم من يطيع أمره ممن يتبع هوى نفسه كما قال سليمان - صلى الله عليه وسلم -: {هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ (٤٠)} [النمل: ٤٠].
وحقيقة الدين ليس معناها كيف نصوم ونصلي فقط؟، وكيف نؤدي العبادات رسوماً بلا روح، ونفعل ما نشاء، ونترك ما نشاء.