للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الإٍسراء: ١].

والعبد إنما يفخر ويعتز بمالكه وسيده ومولاه كما قال إبراهيم للنمرود: {رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (٢٥٨)} [البقرة: ٢٥٨].

والحر يفتخر ويعتز بما يملك من الأموال والأشياء.

وماذا يملك الإنسان .. وماذا بيده .. وماذا يملك الرب .. ؟: {لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا فِيهِنَّ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١٢٠)} [المائدة: ١٢٠].

ولا يكون العبد عبداً لله حقاً حتى يكون مما سوى الله تعالى حراً، فإنه لا يكون عبداً لله خالصاً حتى لا يكون عبداً لما سواه.

فإذا كان يرضيه ويسخطه غير الله فهو عبد لذلك الغير، وفيه من الشرك بقدر محبته له، وعبادته لذلك الغير زيادة.

ومن عرف ربه، وعرف جلاله وجماله وكماله، وجد لذة عبادته، وطاب له الاشتغال بها، وثقل عليه الاشتغال بغيرها لوجوه:

أحدها: أن الكمال محبوب بالذات، وأكمل أحوال الإنسان اشتغاله بعبادة ربه الكامل في ذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله.

فإنه يستنير قلبه بنور الإلهية، ويتشرف لسانه بشرف ذكر الله، وتتجمل أعضاؤه بجمال سنن الله.

الثاني: أن العبادة أمانة، وأداء الأمانة واجب عقلاً وشرعاً، وأداء الأمانة من أحد الجانبين سبب لأداء الأمانة من الجانب الثاني، فمن حفظ أوامر الله وحدوده حفظه الله وأكرمه، ومن أضاع أوامر الله وحدوده أهلكه الله وأهانه.

الثالث: أن الاشتغال بالعبادة انتقال من عالم الغرور إلى عالم السرور، ومن الاشتغال بالخلق إلى الاشتغال بطاعة الحق، وذلك يوجب كمال اللذة والبهجة.

<<  <  ج: ص:  >  >>