معها على نشر الحق والخير والصلاح، وهم المؤمنون بالله.
الثانية: قوة ضالة لا تؤمن بالله ولا تتبع منهجه، فهذه يجب أن يدعوها إلى الحق، فإن أبت وآذت حاربها وقاتلها كما قال سبحانه: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ (١٩٣)} [البقرة: ١٩٣].
ولا يضر المسلمين ولا يخيفهم أن تكون قوة هؤلاء ضخمة أو عاتية، فهي بضلالها عن مصدر قوتها تفقد قوتها، تفقد الغذاء الدائم الذي يحفظ لها طاقتها، وتخدع بأشباحها من لا إيمان له، والمخلوقات كلها في قبضة الله، ينجي بها من يشاء ويهلك بها من يشاء: {كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ (٢٤٩)} [البقرة: ٢٤٩].
وفي خلق الإنسان عجائب في ظاهره وباطنه، وفي أسراره وميوله.
فالنفس الإنسانية فيها ميل فطري إلى اتخاذ أشكال ظاهرة للتعبير عن المشاعر المضمرة.
فهذه المشاعر المضمرة لا تهدأ ولا تسكن ولا تستقر حتى تتخذ لها شكلاً ظاهراً تدركه الحواس وتطمئن به، يتم في الحس كما يتم في النفس، فحينئذ تهدأ وتستريح، وتفرغ الشحنة الشعورية تفريغاً كاملاً.
وعلى هذا الأساس الفطري الذي فطر الله الإنسان عليه، شرع الله الشعائر التعبدية كلها كالصلاة والصيام والأذكار ونحوها.
فهذه الشعائر لا تؤدى بمجرد النية، ولا بمجرد التوجه الروحي، ولكن هذا التوجه يتخذ له شكلاً ظاهراً كالقيام والركوع والسجود والتكبير والقراءة في الصلاة، والإحرام من الميقات واللباس المعين والطواف والسعي والدعاء والتلبية والنحر والحلق في الحج، والنية، والامتناع عن الطعام والشراب والمباشرة في الصوم.
وهكذا في كل عبادة حركة، وفي كل حركة عبادة؛ ليؤلف الله بين ظاهر الإنسان وباطنه، ويلبي دواعي الفطرة بتلك الأشكال المعينة لشعائر العبادة، مع تجريد