وكذلك النهي عن التشبه بالكفار كاليهود والنصارى وغيرهم في خصائصهم التي هي تعبير ظاهر عن مشاعرهم الباطنة.
فنهى الله عزَّ وجلَّ عن التشبه بهم في مظهر أو لباس أو حركة أو سلوك؛ لأن ذلك يجر إلى التشبه بهم في الباطن.
ثم الله عزَّ وجلَّ نهى عن التلقي من غير الله، ونهى عن الهزيمة الداخلية أمام أي قوم في الأرض، فالهزيمة الداخلية هي التي تندس في النفس لتقلد هذا المجتمع.
وقد أخرج الله المسلمين وبعثهم ليكونوا في مكان قيادة البشرية، فعليهم أن يستمدوا طريقة حياتهم كما يستمدوا عقيدتهم من المصدر الذي خلقهم واختارهم للقيادة: {ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ (١٠٢)} [الأنعام: ١٠٢].
والمسلمون هم الأعلون، وهم الأمة الوسط، وهم خير أمة أخرجت للناس، فلا يليق بهم أن يأخذوا من الأقل منهم، ويقلدوا الأدنى الذي جاءوا ليرفعوه، فالإيمان لا يطيق له في القلب شريكاً، ولا يقبل شعاراً له غير الشعار الذي جاء عن الله ورسوله، وجعله الله مميزاً لهذه الأمة عن غيرها في الشعائر والشرائع، والآداب والأخلاق.
ومعرفة المسلم بأن غاية وجوده هو العبادة، وأنه مخلوق ليعبد الله، من شأنه أن يرفعه إلى الأفق الأعلى، والأدب الأسنى مع أوامر ربه، فهو يسمع ويطيع لأن الله وعده على ذلك الجنة.
فهو يريد العبادة بنشاطه وعمله .. وهو يريد العبادة بكسبه وإنفاقه، وهو يريد العبادة بالخلافة في الأرض.
فالأولى به أن لا يطغى ولا يتجبر، وأولى به أن لا يتعسف ولا يستعجل، وأن لا يركب الصعب من الأمور.