للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سواء تعلق هذا الأمر بشعيرة تعبدية .. أو تعلق بتوجيه أخلاقي .. أو تعلق بشريعة في الحياة .. فالدينونة في هذا كله لله وحده لا شريك له هو مدلول العبادة التي خص الله سبحانه بها نفسه ولم يجعلها لأحد من خلقه: {مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (٤٠)} [يوسف: ٤٠].

فالكون كله يسبح الله عبودية وطاعة لله: {تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا (٤٤)} [الاسراء: ٤٤].

إن كل ذرة في هذا الكون الكبير تنتفض روحاً حية، تسبح الله، فإذا الكون كله حركة وحياة، وإذا الوجود كله تسبيحة واحدة ترتفع في جلال ودوام إلى الخالق الكبير المتعال.

وإنه لمشهد كوني فريد حين يتصور القلب كل حصاة، وكل حجر، وكل ذرة، وكل حبة، وكل ورقة، وكل زهرة، وكل ثمرة، وكل نبتة، وكل شجرة، وكل حشرة، وكل زاحفة، وكل طير، وكل حيوان، وكل إنسان، وكل دابة على الأرض، وكل سابح في الماء، وكل طير في الهواء، وكل مختبئ في الأرض، ومع هؤلاء سكان السماوات، وكلها تسبح الله، وتتوجه إليه في علاه ناطقة بحمده، مسلمة لأمره: {يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (١)} [الجمعة: ١].

وإن القلب ليرجف، وإن الوجدان ليرتعش، وهو يستشعر الحياة تدبُّ في كل ما حوله فيما يراه وفيما لا يراه.

وكلما همت يده أن تلمس شيئاً، وكلما همت رجله أن تطأ شيئاً، وكلما همت عينه أن ترى شيئاً، سمعه يسبح الله، وينبض بالحياة، ويدين لربه بالطاعة: {تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>