الأرض إلى السماء، خالصاً من أوشاب الأرض، وأوهاق الحاجات، وشهوات النفس، ومطالب الحياة.
إنه منهج حياة كامل يعيش الإنسان وفقه وهو يستشعر في كل صغيرة وكبيرة طوال الحياة أنه يتعبد الله، فيرتفع في نشاطه كله إلى أفق العبادة الطاهرة.
وإنه لمنهج عال يحتاج ويستحق الصبر والمجاهدة والمعاناة، ليرتقي الإنسان سامعاً مطيعاً إلى أفق المثول بين يدي الرب المعبود في جميع أحواله {رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا (٦٥)} [مريم: ٦٥].
وإنه لمن العجيب حقاً أنه مع ظهور الدلائل والبراهين في الآيات الكونية، والآيات الشرعية، لا يزال هناك من يجادل في الله، والجدال في الله بعد تلك الدلائل يبدو غريباً مستنكراً، فكيف إذا كان جدالاً بغير حق، وبغير علم، لا يستند إلى دليل، ولا يقوم على معرفة، ولا يستمد من كتاب ينير القلب والعقل، ويوضح الحق، ويهدي إلى اليقين؟.
هذا المستكبر المتعجرف لا يكتفي بأن يَضل، إنما يحمل غيره على الضلال، هذا المستكبر الضال المضل لا بدَّ أن يقمع، ولا بدَّ أن يحطم.
فله في الدنيا خزي وهو المقابل للكبر، وقد يمهله الله أحياناً ليكون الخزي أعظم، والتحقير أوقع، أما عذاب الآخرة فهذا أشد وأوجع: {ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (١٠)} [الحج: ١٠].
ومن الناس كذلك فرقة سلكوا طريق الضلال، وجعلوا يجادلون بالباطل أهل الحق، وهؤلاء في غاية الجهل، وليس عندهم من العلم شيء، وغاية ما عندهم تقليد أئمة الضلال من كل شيطان مريد، متمرد على الله وعلى رسله، معاند لهم، قد شاق الله ورسوله، وصار من الأئمة الذين يدعون إلى النار: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطَانٍ مَرِيدٍ (٣) كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَنْ