وهذا نائب إبليس حقاً، فقد جمع بين ضلاله بنفسه، وتصديه إلى إضلال الناس، وهو متبع لكل شيطان مريد.
ويدخل في هؤلاء جمهور أهل الكفر والبدع، فإن أكثرهم مقلدة يجادلون بغير علم ولا هدى.
ومن آيات الله العجيبة أنك لا تجد داعياً من دعاة الكفر والضلال إلا وله من المقت بين العالمين، واللعنة والبغض، والذم والكره ما هو حقيق به، وكل بحسب أحواله وأعماله وفجوره.
كما أن كل داع من دعاة الحق والهدى له من الإجلال والإكرام والاحترام والمحبة والمودة ما هو جدير به، وكل بحسب علمه وجهده وصلاحه وتقواه كما قال سبحانه: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا (٩٦)} [مريم: ٩٦].
ومن الناس من هو ضعيف الإيمان لم يدخل الإيمان في قلبه، ولم تخالطه بشاشته، بل دخل فيه إما خوفاً وإما عادة، على وجه لا يثبت عند المحن كما قال سبحانه: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ (١١)} [الحج: ١١].
فهذا إن استمر رزقه رغداً، ولم يحصل له من المكاره شيء، اطمأن بذلك الخير لا بإيمانه، فهذا ربما أن الله يعافيه، وإن أصابته فتنة من حصول مكروه أو زوال محبوب ارتد على وجهه وترك دينه فخسر الدنيا، فلم يحصل له ما أمله بالردة وخاب سعيه، وخسر الآخرة فحرم الجنة وأدخل النار.
إن العقيدة هي الركيزة الثابتة في حياة المؤمن، تضطرب الدنيا من حوله فيثبت هو عليها، فهي الحمى الذي يلجأ إليه، والسند الذي يستند إليه، يأوي إليها ويطمئن بها فهو موصول بالله دائماً.
أما من يجعل العقيدة صفقة في سوق التجارة، إن أصابه خير اطمأن به، وقال: