فلا يهمنك أكانوا معك أم عليك؟، ولا تحفل بكيدهم ومكرهم، وألق بأمرك كله إلى الله يصرفه بعلمه وقدرته كما يشاء.
وهذه القواعد الثلاث:
تقوى الله .. واتباع وحيه .. والتوكل عليه .. مع مخالفة الكافرين والمنافقين .. هي العناصر التي تزود المسلم بالرصيد، وتقيمه في مجال العبادة والدعوة والتعليم والجهاد، متقياً لربه، متبعاً لوحيه، متوكلاً عليه.
إن قلب الإنسان واحد فـ {مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ}[الاحزاب: ٤].
إنه قلب واحد، فلا بدَّ له من منهج واحد يسير عليه، ولا بدَّ له من تصور كلي واحد للحياة يستمد منه، ولا بدَّ من ميزان واحد يزن به القيم، ويقوم به الأحداث والأشياء، وإلا تمزق وتفرق، ونافق والتوى، ولم يستقم على اتجاه.
ولا يملك الإنسان، ولا يليق به، لا يحق له، ولا يحسن منه أن يستمد آدابه وأخلاقه من معين .. وأن يستمد شعائره من معين آخر .. وأن يستمد شرائعه من معين ثالث .. وأن يستمد تنظيم أو صناعة في شئون الحياة من معين رابع .. وأن يستمد تصوراته من معين خامس.
فهذا الخليط المشروب من جهات شتى .. لا يكوِّن إنساناً له قلب مستقيم.
إن صاحب العقيدة لا يتجرد من مقتضياتها في موقف واحد من مواقف حياته كلها صغيراً كان هذا الموقف أو كبيراً.
فلا يتكلم كلمة ولا يتحرك حركة، أو ينوي نية إلا حسب عقيدته؛ لأن الله لم يجعل له سوى قلب واحد، تعمره عقيدة واحدة، في كل حالة من حالاته على السواء.
وبهذا القلب الواحد الثمين يعيش فرداً، ويعيش في الأسرة، ويعيش في المجتمع، ويعيش في الدولة، ويعيش في العالم، ويعيش سراًَ وعلانية، ويعيش عاملاً، ويعيش صاحب عمل، ويعيش حاكماً أو محكوماً، ويعيش في السراء والضراء.