ولله على العبد عبوديتان في كل عمل:
عبودية باطنة .. وعبودية ظاهرة.
فله على قلبه عبودية .. وله على لسانه وجوارحه عبودية.
والناس في العبودية على أربعة أقسام:
الأول: من قام بعبودية القلب، وعطل عبودية الجوارح.
الثاني: من قام بعبودية الجوارح، وعطل عبودية القلب.
فهؤلاء لا التفات لهم إلى عبودية قلوبهم، ففسدت عبودية جوارحهم، وأولئك لا التفات لهم إلى عبودية جوارحهم، ففسدت عبودية قلوبهم.
الثالث: من قام بعبودية القلب، وعبودية الجوارح.
وهؤلاء هم العارفون بالله، وبأمر الله، فأقاموا الملك وجنوده في خدمة المعبود سبحانه.
وعبودية القلب أعظم من عبودية الجوارح وأدوم، فهي واجبة في كل وقت حتى الممات.
الرابع: من لم يقم بعبودية القلب ولا عبودية الجوارح، وهؤلاء شر الناس وأجهل الناس، وأخسر الناس.
والعبادة أعظم مقامات العبد، فهي مقام عالٍ شريف، بها يزول ضيق القلب، ويكمل انشراح الصدر؛ لأنها توجب الرجوع من الخلق إلى الحق.
وزوال ضيق الصدر يتم بأربعة أشياء أمر الله بها رسوله في كتابه كما قال سبحانه: {وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ (٩٧) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ (٩٨) وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ (٩٩)} [الحجر: ٩٧ - ٩٩].
والعبودية لها ثلاث درجات:
الأولى: أن يعبد الله طمعاً في الثواب، أو هرباً من العقاب.
وهذه أدنى الدرجات؛ لأن معبوده ذلك الثواب، وقد جعل الحق وسيلة إليه.
الثانية: أن يعبد الله لأجل أن يتشرف بعبادته، أو يتشرف بقبول تكاليفه، أو