للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحقيقة المحبة:

ميل الإنسان للشيء بكليته، ثم إيثاره له على نفسه وروحه وماله، ثم موافقته له سراً وجهراً، ثم علمه بتقصيره في حبه.

والمحبة نار في القلب تحرق ما سوى مراد المحبوب الديني الأمري الذي يحبه ويرضاه، لا المراد الذي قدره الله وقضاه، والمرء مع من أحب، ومن أحب شيئاً أكثر من ذكره، وإذا غرست شجرة المحبة في القلب، وسقيت بماء الإخلاص ومتابعة الحبيب - صلى الله عليه وسلم -، أثمرت أنواع الثمار، وأتت أكلها كل حين بإذن ربها، وأثمرت الطاعة والموافقة.

ومحبة العبد لربه لا نهاية لها، وكلما قويت المعرفة، وزاد البر، قويت المحبة.

ولا نهاية لجمال المحبوب سبحانه، ولا لجلاله، ولا لبره، فلا نهاية لمحبته، بل لو اجتمعت محبة الخلق كلهم، وكانت على قلب رجل واحد منهم، ثم كانوا كذلك الواحد، كان ذلك دون ما يستحقه الرب جل جلاله من المحبة.

وأصل حب الله لا ينفك عنه مؤمن، أما قوة الحب فينفك عنه الأكثرون.

وقوة الحب للرب تحصل بأمرين:

أحدهما: قطع علائق الدنيا، وإخراج حب غير الله من القلب، وسبيل قطع الدنيا عن القلب سلوك طريق الزهد والصبر.

الثاني: قوة معرفة الله تعالى، فإذا حصلت المعرفة تبعتها المحبة، ثم تبعها العمل.

ويحصل ذلك بمعرفة الله وأسمائه وصفاته وأفعاله، ومداومة ذكره، ومعرفة جلاله وإنعامه وإحسانه.

والله تبارك وتعالى جعل الغاية المطلوبة من خلقه هي عبادته التي أصلها كمال محبته، وهو سبحانه كما أنه يحب أن يُعبد، يحب أن يُّحمد، ويثنى عليه، ويُذكر بأسمائه الحسنى، وصفاته العلا، ويحب من يحبه، ويحمده ويثني عليه، وكلما كانت محبة عبده له أقوى كانت محبة الله له أكمل وأتم، فلا أحد أحب إليه ممن

<<  <  ج: ص:  >  >>